مفاجآت متوالية تتكشف يوميا مع الانخفاضات المستمرة فى سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصرى، بمعدلات سريعة وصلت إلى نحو 55 قرشا منذ بداية 2020، بما يشير إلى أن العملة الخضراء يسير سهمها نحو الاتجاه الهابط على المدى المتوسط والطويل، وتستمر فى الانخفاض، ارتباطا بمعدلات العرض والطلب، وحالة الخوف التى تسيطر على حائزيها في الوقت الراهن، حيث يسارعون فى التخلص مقابل الجنيه المصرى.
وقد كانت خريطة الدولار تحكمها معايير الشك بالصعود مرة أخرى، حتى وصل سعر إغلاق في البنك المركزى قبل 4 أسابيع تقريبا عند سعر 15.73، فتلك النقطة كانت تمثل دعما رئيسيا للعملة الخضراء، كأقل سعر وصلت إليه العملة الخضراء منذ التعويم في نوفمبر 2016، ليواصل من خلالها رحلة الهبوط عبر القنوات السعرية الفارغة، التي تنتهى عند سعر 8.85 للشراء و8.88 للبيع كآخر نقاط الدعم الحقيقية القوية للعملة الخضراء.
بالطبع لن يصل الدولار إلى هذه المعدلات في الوقت الراهن، لكن سيواصل موجة الانخفاضات المتوالية، مدعومة بمخاوف الحائزين للعملة الأجنبية، وقد كشف تقرير للبنك المركز في شهر يناير الماضى تراجع الودائع الدولارية للأفراد بقيمة 39 مليار جنيه، خلال الأشهر الـ 10 الأولى من 2019، و انخفضت ودائع القطاع العائلي قصيرة الأجل بالعملات الأجنبية إلى 464 مليار و104 آلاف جنيه بنهاية أكتوبر 2019، مقابل 503 مليارات و506 آلاف جنيه بنهاية ديسمبر 2018 بما يؤكد أنه مازال حجم حيازة العملات الأجنبية كبير، فلو تم احتساب هذه الأموال وفقا لسعر الدولار الآن سيصل الإجمالى إلى نحو 29.9 مليار دولار تقريبا، بما يعنى أن الحائزين لهذه الأموال منتظر أن يخرج جزء كبير منهم إلى الجنيه، خلال الفترة المقبلة، بما يدعم تحركات أكبر للدولار نحو الهبوط.
صحيح الأفراد وأصحاب الودائع الدولارية أقل استجابة لتحركات السوق، خاصة إذا كانت العملة الخضراء تتحرك بمعدلات انخفاض بين قرش إلى ثلاثة قروش يوميا، إلا أنه بالطبع جزء كبير من هذا القطاع سيتأثر بهذه الانخفاضات، خاصة أن مدخراته ستتراجع بنسب تصل إلى 15% سنويا، وقد كانت هناك تجربة عملية العام الماضى، بما يدفع نحو توجيه هذه الودائع للجنيه المصرى، الذى مازالت الشهادات الاستثمارية الخاصة به جذابة وتعطى فائدة مرتفعة، وعلى البنك المركزى والبنوك الحكومية أن تدفع فى اتجاه استمرار العائد التنافسى على هذه الشهادات خلال الفترة المقبلة، حتى يجد حائزو الدولار ميزة نسبية للتخلص منه، على المدى المتوسط والطويل.
المتوقع بنهاية الربع الأول من العام الجارى أن يكسر الدولار مستوى الـ 15 جنيها، وهذه نقطة ستدفع إلى المزيد من الانخفاضات إلى مستويات قياسية، وتحرك جزء كبير من حائزى الودائع الدولارية المكدسة لدى البنوك الحكومية والخاصة، بما يضغط بصورة أكبر على العملة الخضراء لتحقق المزيد من التراجع خلال الأشهر المقبلة، وحال استمرار وتيرة التراجع بنفس الدرجة، ومن المتوقع أن يلامس مستويات بين 12 إلى 13 جنيها بنهاية العام الجارى.