فتحت الحكومة، ممثلةً فى وزارتَى «المالية» و«التخطيط»، حواراً مجتمعياً حول مشروع موازنة العام المالى المقبل، حيث أطلق محمد معيط، وزير المالية، الحوار المجتمعى حول بعض الافتراضات الأساسية والمستهدفات المالية للعام المالى المقبل، الواردة فى منشور إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة ٢٠٢٠/٢٠٢١، بحيث يعكس مشروع الموازنة ما تُثمره هذه المنصات الحوارية من رؤى وأطروحات توافقية تتسق مع رؤية «مصر ٢٠٣٠»، انطلاقاً من المسئولية الوطنية، وإعلاءً للصالح العام، وإدراكاً لأهمية إرساء دعائم المشاركة المجتمعية فى تحديد أولويات الإنفاق العام، بما يُسهم فى تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، على النحو الذى يرتقى بمستوى معيشة المواطنين.
“معيط”: سنوفر أكبر عدد من الوظائف
بدأ وزير المالية سلسلة حلقات هذا الحوار المجتمعى، بلقاء أعضاء الاتحاد العام للغرف التجارية الذى استهله باستعراض بعض المستهدفات المالية والاقتصادية خلال العام المالى المقبل، قائلاً: «إن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى المقبل سيكون داعماً للنمو الشامل، المولد لعدد أكبر من الوظائف مع استدامة تحسن هيكل النمو، بحيث يكون أكثر تنوعاً ومرونة ويرتكز بشكل أكبر على الاستثمارات والصادرات، على النحو الذى يسهم فى تحسين الخدمات العامة».
وأضاف: «إننا نستهدف خلال العام المالى المقبل الحفاظ على تحقيق فائض أوّلى ٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى، الذى تم تسجيله العام المالى الماضى حيث نجحت الحكومة فى تغطية تكاليف النفقات الجارية من الإيرادات الفعلية، وكذلك خفض حجم الدَّيْن للناتج المحلى الإجمالى إلى ٨٣٪، بعد أن بلغ ١٠٨٪ فى ٢٠١٦/ ٢٠١٧، وتراجع إلى ٩٠,٢٪ فى ٢٠١٨/٢٠١٩، على ضوء تحسن النشاط الاقتصادى، وتنويع مصادر التمويل، وزيادة متوسط أجل الاستحقاق، وخفض معدل الفائدة لتقليل المخاطر المحتملة، لافتاً إلى «أننا نستهدف خفض العجز الكلى للموازنة العامة للدولة إلى ٦,٢٪ خلال العام المالى المقبل، على ضوء رفع كفاءة الإنفاق العام، والحصر الفعَّال للمجتمع الضريبى، على النحو الذى يحقق العدالة الاجتماعية».
وقال «معيط» إن الحكومة تستهدف فى موازنة العام المالى المقبل تعزيز المخصصات المالية المقررة للإنفاق على الصحة والتأمين الصحى الشامل والتعليم، بما يسهم فى إرساء دعائم التنمية البشرية، جنباً إلى جنب مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحاً أن هناك توجيهات رئاسية بتدبير المخصصات المالية اللازمة لتحسين شبكة الطرق الداخلية بالمحافظات، وعلى ضوء ذلك تم توفير ٢ مليار جنيه بشكل عاجل فى موازنة العام المالى الحالى، ومن المستهدف مراعاة ذلك فى موازنة العام المالى المقبل.
حريصون على تحصيل حق الدولة فى “المنظومة الضريبية” بما يرضى الله بعيداً عن أى تقديرات جزافية
ورداً على بعض التساؤلات المتعلقة بالمنظومة الضريبية، أكد الوزير، على هامش اللقاء، أننا حريصون على تحصيل حق الدولة فقط بما يرضى الله بعيداً عن أى تقديرات جزافية، خاصة فى ظل تحديث المنظومة الضريبية وميكنتها، موضحاً أنه تم تشكيل لجنة برئاسة وزير المالية تختص بالتعامل مع قرارات الحجز الإدارى الضريبى، على أن يكون فى حدود الضريبة المستحقة واجبة الأداء فقط، مشيراً إلى أنه تم منح بعض الممولين مُهلة أخيرة ثلاثة أسابيع قبل التعامل مع قرارات الحجز الإدارى الضريبى، حتى يتمكنوا من سداد الضرائب المستحقة واجبة الأداء، خاصة أننا لا نستهدف أبداً إغلاق المصانع بل نسعى لتحفيز الاستثمار من أجل توفير مزيد من فرص العمل.
وأوضح أن منظومة الإقرارات الإلكترونية نجحت فى كشف الكثير من حالات التهرب الضريبى، فقد كشفت عينة عشوائية شملت ٢١٦ حالة أن ٥٠٪ منها وقعت فى التهرب الضريبى، وتبين أن هناك حالة سجلت إقراراً صفرياً، والمنظومة الإلكترونية أشارت إلى أن القيمة الضريبية المستحقة ٨٠٠ ألف جنيه لأحد الممولين، وبالفحص تبين أنها ١٨ مليون جنيه.
وأشار إلى أن هناك ١٦ معياراً يتم على أساسها تحديد القائمة «عالية المخاطر» من الممولين، وبالفحص الضريبى تبين أن ٥٠٪ ممن تم إدراجهم فى هذه القائمة متهربون ضريبياً، و٢٥٪ من القائمة «متوسطة المخاطر» متهربون ضريبياً، و١٠٪ من القائمة «منخفضة المخاطر» متهربون ضريبياً، وقال إننا مستمرون فى منظومة الميكنة التى تمكِّننا من تخطِّى مشكلة التقديرات الشخصية أو الجزافية، موضحاً أن الضريبة التى تغلق مصنعاً تكون ضريبة خاطئة، ولذا فنحن حريصون على استيفاء حق الدولة بما يرضى الله، وحريصون أيضاً على استمرار النشاط التجارى للمصانع والشركات بعدالة ودون تهرب.
وقال «معيط» إننا ماضون فى حملات مكافحة التهرب الضريبى لتحصيل حق الدولة، وقد تبين أن ٨٠٪ ممن شملتهم إحدى الحملات بمنطقة الساحل الشمالى غير مسجلين فى قاعدة البيانات الضريبية، موضحاً أن هناك شركات تحول إيراداتها من المراكز الرئيسية إلى الفروع غير المسجلة ضريبياً فى محاولة للتهرب الضريبى، وبعد إعلان مصلحة الضرائب أن عدم تسجيل الشركات للفروع يُعد تهرباً ضريبياً، تم تسجيل أكثر من ١٥٠ ألف فرع فى ٦ أشهر فقط.
وأشار إلى أنه تمت زيادة عدد المسجلين فى قاعدة بيانات ضريبة القيمة المضافة إلى ٥٥٠ ألفاً، منهم ما يقرب من ٢٢٥ ألفاً يقدمون إقراراتهم الضريبية بصفة منتظمة نتيجة الحملات الضريبية.
وأوضح الوزير أن مشروع قانون إنهاء المنازعات الضريبية، الذى يناقش حالياً بمجلس النواب، يأتى ضمن التيسيرات المحفزة للاستثمار، حيث يمنح الممولين فرصة جديدة للاتفاق مع الإدارة الضريبية على إنهاء المنازعات، فى المرحلة الإدارية دون اللجوء للمحاكم، مشيراً إلى أنه ينص على خفض مقابل التأخير المستحق بنسبة ٣٠٪ لمن يبادر من الممولين بالاتفاق مع الإدارة الضريبية على إنهاء المنازعات قبل صدور قرارات الطعن، إضافة إلى قصر مدة حساب مقابل التأخير على الضريبة على ٣ سنوات فقط من تاريخ تقديم الإقرارات وحتى نهاية الفحص.
“كجوك”: لا زيادة فى أسعار الضرائب
وأشار أحمد كجوك، نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسى، إلى أننا نؤمن بأن الموازنة العامة للدولة تتسم بالديناميكية، وأنها لا بد أن تعكس طموحات كل فئات الشعب، مع استدامة خفض معدلات الدَّين والعجز والحفاظ على استقرار السياسة المالية وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال إدخال شرائح جديدة دون زيادة سعر الضريبة، ومن ثم قرر وزير المالية إجراء حوار مجتمعى للاستماع إلى مختلف الرؤى والمقترحات التى يتطلع المواطنون ومجتمع المال والأعمال إلى إدراجها فى الموازنة المقبلة، سواء من خلال برامج وأهداف تسهم فى تحفيز قطاعات الصناعة والتصدير، واستثمارات البنية التحتية، وتحسين الخدمات وتطوير التعليم والصحة.
فى سياق متصل، اجتمعت هالة السعيد، وزيرة التخطيط، اليوم، بقيادات الوزارة لمناقشة وضع تصوُّر متكامل للهيكل العام لخطة العام المالى الجديد 20/2021.
“السعيد”: نستهدف 6% نمواً اقتصادياً وأهم ما يميز الخطة الجديدة ارتباط كل محافظة بعدد من المشروعات
وخلال الاجتماع أكدت «السعيد» أن أهم ما يميز خطة 20/2021 هو إبراز علاقة خطة التنمية بأهداف التنمية المستدامة، والتأكيد على مفهوم التنمية المكانية وتوطين أهداف التنمية المستدامة وارتباط كل محافظة بعدد من المشروعات، بالإضافة إلى إبراز المشروعات التى من المقرر الانتهاء منها فى 20/2021 مع توضيح مدى تأثيرها، والمشروعات التى وصلت لنسبة إنجاز نحو 50%، وكذلك المشروعات الجديدة الخاصة بكل وزارة أو قطاع وأهميتها والمدى الزمنى لتنفيذها، مع تحديد وضع المشروعات المتعثرة.
وأشارت وزيرة التخطيط إلى أنه من المستهدف الوصول إلى معدل نمو يبلغ 6% خلال العام المالى 20/2021، موضحة أن المرتكزات الأساسية للخطة ترتبط مع برنامج عمل الحكومة وأهداف رؤية مصر 2030 لتحقيق نمو اقتصادى مستدام.
وخلال اللقاء، أكدت وزيرة التخطيط أن زيادة الدعم الحقيقى الموجه للفئات المستحقة من النقاط المهمة التى لا بد من الإشارة إليها فى الخطة، مع تحديد نسب زيادة هذا الدعم، وكذلك تحديد الفئات المستحقة له، وأثر ذلك على معدلات الفقر، مشيرة إلى مسح الدخل والإنفاق، وأهمية تحديد الفئات الموجودة داخل هذا المسح بدقة.
وأضافت «السعيد» أنه من المهم أن يضم هيكل الخطة مصفوفة تضم التحديات الأساسية للتنمية وأماكن تركّز تلك التحديات فى المحافظات، بحيث تتضح التنمية المكانية فى تلك المحافظات بمؤشراتها وتحدياتها.